الرجل الموريتاني.. أبوة خارج القانون! بقلم /حنان محمد سيدي

الرجل الموريتاني.. أبوة خارج القانون!
يظل الرجل الموريتاني عنوانا للشهامة والفتوة والكرم، حتى يدخل تجربة الطلاق، فيبدأ رحلة جديدة من انتهاك القانون وتجاوز حقوق أطفاله، حينها يتشكل نمط جديد من الأبوة خارج القانون.
ربما حين يتحدث المختصون عن هذه الظاهرة، سيؤكدون أن انتهاك حقوق الأطفال من طرف آبائهم بعد طلاق أمهاتهم، وزواجهم من أخريات، هي ظاهرة تمارس بعدالة ملفتة للأنظار، مع استثناءات قليلة ربما هي مجرد تأكيد للقاعدة العامة، فنجدها عند الرجال بمختلف مستوياتهم الثقافية والمالية والاجتماعية والعرقية والعمرية.
لذا فهي ليست ظاهرة يمكن فهمها على مستوى واحد، وإنما على مستويات متعددة ومعقدة جدا، فنجد الرجل المثقف والواعي يلقي المحاضرات والمواعظ حول حقوق الأبناء بعد الطلاق، ولكنه لا يتورع عن ممارسة نفس الانتهاك حين يجد نفسه في الوضعية ذاتها، فهو جاهز للفشل عند أول اختبار.
أما ذلك الرجل “البارد” الذي يتحرك على “مرتفعة” رباعية الدفع، نجده لا يترفع هو الآخر عن رمي أطفاله بعد الطلاق، ونسيان حقوقهم رغم قدراته المالية، ولكنه مشغول بعالمه الجديد، وبطلبات زوجة جديدة يتطلب إرضاءها نسيان الماضي والتطلع نحو مستقبل غامض ومتقلب.
حتى الفقير المنهك بتفاصيل الحياة الصعبة، نجده لا يعجز عن التنقل من زوجة لأخرى، ويترك في كل مرة جيشا من الأطفال مرميين على قارعة الطريق، دون أن يفكر في عجزه عن تربيتهم أو توفير أبسط حاجياتهم.
الرجل المتدين المشغول بآخرته عن دنياه، لا يتورع – هو الآخر – عن نسيان أطفاله وتضييع حقوقهم، رغم ورعه الكبير.
في غياب الأب تبذل الأم -بدعم من عائلتها- جهدا كبيرا في التربية، حتى يكبر الأطفال ويتعلموا ويتكونوا، وفي الأخير يظهر الأب في وقت متأخر، مطالبا بحقوقه كأب، فتبدأ وضعية صعبة على الطرفين.
كل ما سبق يؤكد لنا أن الظاهرة ليست دينية ولا مادية ولا اجتماعية، وإنما هي خلاصة تعقيدات اجتماعية حان الوقت لنقاشها في المجتمع الموريتاني وسبر غورها، من أجل إنقاذ الأطفال وحماية حقوقهم، وحماية النساء اللاتي يتحولن إلى معيلات وهن ضعيفات ومنسيات.
هنا نتذكر تصريحات وزيرة العمل الاجتماعي حين تعهدت بتطبيق القانون الذي يفرض على الرجال رعاية أطفالهم بعد الطلاق، وهي تصريحات لا بد من تشجيعها والمطالبة بأن تتحول إلى واقع، ومساندة الوزيرة في معركتها لتطبيق القانون.
ولعله من المناسب أن يتم إدراج هذا الموضوع ضمن ورشات الحوار الوطني المرتقب، فيتداعى المثقفون الموريتانيون للنقاش والخروج بخلاصات، تقدم لصانع القرار، ولا شك أنها ستؤخذ تلك الخلاصات بعين الاعتبار، لأن فخامة رئيس الجمهورية منذ بداية حكمه وهو يولي أهمية قصوى للفئات المستضعفة والهشة، ولا شيء أكثر هشاشة في مجتمعنا من المرأة والطفل.
بقلم /حنان محمد سيدي



